مفهوم الدولةمجزوءة السياسة

المحور الثالث: الدولة بين الحق والعنف | مفهوم الدولة | مجزوءة السياسة

تمهيد لإشكالية المحور:

اذا كانت وظيفة الدولة الأساسية وغاياتها هي احترام الحقوق وضمان الحريات، فقد يتخلل ممارساتها الكثير من الشطط، فتتحول إلى سلطة مهيمنة، أو إلى جهاز قمعي يمارس التسلط والهيمنة. غير أن الدولة، سواء أكانت قديمة أو حديثة. ديموقراطية أو استبدادية، لا يمكنها أن تستغني عن العنف، أي العنف بالمعنى السياسي، ذلك أن وظيفتها الأساسية هي ممارسة العنف الشرعي والمنظم بقوانين وإجراءات. فالممارسات التي ترى الدولة أنها غير قانونية تتدخل ضدها لمحاصرتها والقضاء عليها، ولذلك تلجأ إلى ممارسة العنف لحماية الحق العام. فهل تمارس الدولة سلطتها بالقوة أو بالقانون بالحق أم بالعنف؟ الا يمكن الحديث عن عنف مشروع تحتكره الدولة ؟ وهل دوله الحق دولة عنف؟ وما هي أسس قيام الدولة وما الزير ب رر حق الدولة في استعمال العنا؟

أطروحة “ماكس فيبر” النص ص 135

يؤكد “فيير” أن الدولة تحتكر حق ممارسة العنف المشروع. فبأي معنى يكون العنف المادي مشروعا ووسيلة مميزة للدولة ؟

ويوضح “ماكس فيبر” أن الدولة العصرية تعرف سوسيولوجيا من خلال الوسيلة الخاصة بها والمتمثلة في العنف المادي. ومعنى هذا هو أن أساس الدولة هو العنف، بل إنها تمثل مصدرا له، وفي غياب ممارسته، فإن الدولة تختفي وتحل محلها الفوضى. غير أن العنف الذي تمارسه الدولة يعتبر مشروعا، أي يتم بواسطة قوانين ولذلك لا يحق لأي فرد أو جماعة، كيفما كان نوعها، أن تمارس أي نوع من أنواع العنف، إلا بتفويض من الدولة. إن ممارسة العنف المادي من اختصاص الدولة، لأنها تعتبر المصدر الوحيد للحق في العنف المشروع القائم على القانون.

  • إن الدولة، بوصفها تجمعا سياسيا منظما إداريا وقانونيا لها الحق في ممارسة العنف المادي فهي وحدها تمتلك هذا الحق وتحتكره إنه الوسيلة المميزة لها.

العنف المشروع: العنف عامة هو إفراط في استعمال القوة بشكل يؤدي إلى تدمير وإلحاق الأذى بالطرف الآخر في الصراع، اما العنف المشروع فهو العنف الذي تمارسه الدولة باسم القوانين الوضعية عن طريق الأجهزة القمعية حفاظا على الأمن والسلم والاستقرار الاجتماعي وحماية للقانون.

أطروحة “جاكلين روس” النص ص 137 منار الفلسفة

تعرف جاکلین روس دولة الحق باعتبارها صيغة قانونية قائمة على القانون والحق الخاضعين لمبدأ احترام الشخص، باعتباره وازعا لضمان الحريات ومراعاة الكرامة الإنسانية، والعمل تبعا لذلك على – تجنب ومناهضة كل ما من شأنه أن يخل بهذا المبدأ، من ظلم وطغيان وتعسف وعنف وغيرها. فالدولة لا تقوم فقط على العنف المشروع، كما يرى “فيير” بل تقوم كذلك على فكرة الحق. ولتفادي – التجاورات الممكن حصولها إثر التمسك بهذا الحق، يلزم كذلك وضع حدود ممكنة تشكل الضامن الأساسي لحياة الفرد والجماعة من كل شطط في ممارسة السلطة واستغلالها. ولكي تتمكن الدولة من ممارسة معقلنة للسلطة لا يجب أن يكون الأساس الذي تقوم عليه، حسب “جاكلين روس” هو القانون فحسب، بل يجب أن تقوم أيضا على الحق وفصل السلط؛ لأن هذه المرتكزات الثلاثة هي التي تضمن احترام الأشخاص وحمايتهم واحترام حرياتهم وكرامتهم ومصالحهم المشتركة.

  • ان الدولة لا تتأسس على العنف، بل على الحق والقانون وفصل السلط، باعتبارها الضامن لاحترام الشخص وحفظ حريته وصيانة كرامته الإنسانية.

استنتاج عام

إن دولة الحق هي دولة شرعية، لأنها مبنية على الحق والقانون وفصل السلط، باعتبارها الضامن لاحترام الأشخاص والمواطنين، في حين أن دولة الاستبداد والعنف تفقد شرعيتها حين تتخذ من العنف ملاذا لها في فرض سلطتها وسيطرتها وهمينتها على الجماهير وهذا ما ينفي عنها صفة دولة الحق، لكن بالرغم من ذلك، مادامت الطبيعة البشرية ليست خيرة بطبيعتها، بحيث يمكن للأفراد أن يلجؤوا لسلوك العنف والفوضى وخرق القوانين، هذا ما يترتب عنه لجوء الدولة للعنف المشروع في سبيل الحفاظ على النظام والأمن والسلم الاجتماعي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى